الثلاثاء، 15 فبراير 2011

أنا.. و عرابي.. و المستقبل






هذه التدوينة كان اسمها يوم الخميس الماضي (أنا و عرابي و القلق) و كنت أنتوي أن أبث فيها بعض القلق الذي ساورني للحظات حول مستقبل هذا الوطن؛ وطني. في الحقيقة أعترف أنني عجزت ليلة الخميس الماضي عن التنبؤ بما ستحمله شمس الجمعة لمصر, و تجددت عليّ خواطر راودتني في الأيام القليلة السابقة تتعلق بنبوءة الرئيس مبارك التي قال فيها أن استقالته من منصبه الآن تعني الفوضى.

لا تنزعجوا فأنا لم أقتنع بتلك الكلمات لكن احتمال الواحد في المائة أن تتحقق تلك النبوءة ذكّرني بحالة مشابهة؛ الزعيم أحمد عرابي. أحمد عرابي الذي قال: "إننا سوف لا نورث بعد اليوم"... و للأسف لم يأت ذلك اليوم إلا الجمعة الماضية.

بالتأكيد الزعيم أحمد عرابي كان يحمل من الوطنية ما يفوق أقرانه, و بالتأكيد ثورته نجحت في بدايتها إلى أن انقلب كل شيء على رأسه و انتهت آمال الثورة باحتلال بريطاني عمره زاد عن السبعين عامًا.

تلك الخواطر التي أهاجت بعض القلق في قلبي هي الآن التي تزيدني إصرارًا على استكمال ما بدأته الثورة المباركة, هي الآن التي تجعلني أتطلع إلى مستقبل مزدهر أمضي فيه بروح (ثورة اللوتس) , و يمضي فيه الآخرون كلٌ في مكانه؛ الطبيب في مشفاه, المهندس في موقعه, الشرطي في درء المخاطر, القانوني في إعادة حقوق المصريين, و المثقف في النهوض بعقليات العامة. قد يكون ذلك الحلم ضربًا من اليوتوبيا (المدينة الفاضلة) لكني أؤمن بشدة أن اليوتوبيا إنما جُعِلَت لنسعى إليها جاهدين بلا كلل أو ملل فنصل إلى أقرب نقطة منها, تلك النقطة غالبًا لن تكون المدينة الفاضلة لكنها بالتأكيد ستكون النقطة التي نستحق أن نقف عندها على قدر ما بذلناه من جهد و إخلاص.

في مخيلتي الآن موقف واحد و مشاعر متناقضة؛ أتخيل نفسي بعد سنين مجالسًا ابني الذي يفتح كتابه المدرسي على صفحة (ثورة اللوتس 2011), أتخيل نفسي كذلك و أنا أحمل من المشاعر أحد صنفين؛ الفخر أو الخجل.

هل سيجلس ابني على فخذي فأضمه إليّ و أحكي له بكل فخر كيف صنعنا مجد ذلك الوطن و كيف أصر جيلي أن يبني نهضة أنت -يا بني- تعيش فيها الآن؟ هل سأروي له ما تعرض له والده و أقرانه من كذا و كذا؟ كيف فعلنا كذا و ما هي الأخطار التي واجهناها؟ هل سأبث فيه روح الثورة المباركة ليتخذ هو مني قدوة يستكمل على خطاها بناء صرح مصر العظيم الذي يعلو فوق كل الصروح؟

أم....

أم سيعتريني الخجل و الأسف؟ يعتريانني حين أعتذر لابني و أقسم له بأغلظ الأيمان أن جيلي لم يرد إلا أن يصنع غدًا أفضل له, لم نقصد يا بني أبدًا أن نسلمك وطنًا مكسور الجناح تنهشه الذئاب و الضباع, لم نقصد يا بني أبدًا أن نستبدل (جون) العسكري الانجليزي الذي قتله الفدائيون في كل الأفلام القديمة بـ(جون) العسكري الأمريكي الذي تستدرجه إحدى الراقصات إلى حيث تقتله أنت و تهرع لتختبئ في بيت يسكنه حسين صدقي و زبيدة ثروت. أردنا يا بني أن نمضي بمصر خطوات للأمام لا أن نعود مثلها للخلف, كنا نود لو سلمناك وطنًا عاليًا شامخًا لا أن نسلمك تركة ثقيلة فتقصم ظهرك الشاب. كنت أريد أن أفتخر أمامك لا أن أعتذر لك.

قد تكون خاطرة مزعجة بالفعل , لكن على الرغم من أن تلك الخاطرة قد بهتت بما فيها من قلق على قلبي للحظات قليلة إلا أنها بعد ذلك زادتني إصرارًا و تطلعًا نحو مستقبل مزدهر سنمضي فيه -إن شاء الله- بعجلة ثورة اللوتس التي لم تنتهِ بل بدأت.

أنا لن أتهاون أبدًا في رفعة هذا الوطن و سأمضي في مجالي ممسكًا بزهرة اللوتس في كفي و واضعًا مستقبل ابني أمام عينيّ, عليّ الآن أن أختار بين أن أروي لابني بكل فخر ما فعلناه و ما واجهناه في 25 يناير 2011؛ و بين أن أنظر إليه دامعًا و متأسفًا حين يدخل عليّ وجلًا و يداه ملطختان بدماء (جون) العسكري الأمريكي.


تمت
أحمد ثروت
14/2/2011


ثورة اللوتس هو أحد أسماء ثورة 25 يناير 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق