الأربعاء، 17 مارس 2010

أنا حاقد... الحلقة الأولى (1-3)


مبدئيا؛ أنا طفل في الثالثة من عمري....
و ارجوك لا تسألني كيف لطفل في الثالثة أن يتكلم بتلك اللغة العربية الرصينة, و ان يصل إلى تلك المعاني و الأفكار, دعك من هذا كله ولا تتعجب فنجيب محفوظ كان يُجري الحِكَم الفلسفية المعقدة على ألسنة (ملمعي الأحذية).

فقط أنصت إلى قصتي...

كنت-حتى وقت قريب- محور أحداث البيت كله؛ لنقل أني الآمر الناهي, فإذا كان أبي يسيطر على البيت, و امي تسيطر على أبي, و أنا أسيطر على أمي؛ فأنا-فعليا- صاحب الرأي الأوحد في أسرتنا.

ظل الحال على هذا المنوال-تكفي صيحة بكاء واحدة مني كي يهب البيت كله- إلى أن لاحظت يوما ما انتفاخا بسيطا في بطن أمي...

- إيه دا يا ماما؟
-دا أخوك يا ميدو.
-انتي كلتي أخويا يا ماما؟

أخذ أخي يكبر شيئا فشيئا داخل بطن امي, و بدت هي بدورها تضيق صبرا بي و بأوامري, حتى كبرت بطن أمي بشكل مريب..
اختفت أمي عن البيت لفترة... يقال أن بطنها قد انفجرت ليخرج منها أخي.

و الواقع أنه لم يكن-بالنسبة إلىّ- انفجارا حميدا؛ لقد كان بمثابة إنقلاب و انتقال غير سلس للسلطة داخل البيت (لاحظ أني حذرتك ألا تتعجب من اللغة الفصحى التي يستخدمها طفل مثلي).

و كما يفعل أي حاكم سابق؛ رفضت الاعتراف بانتقال السلطة, بصراحة لم أكن اطيق الاهتمام الزائد بالحاكم-أقصد المولود- الجديد و تسليط الأضواء كلها عليه, بل الأخطر من ذلك؛ انهالت عليّ كمية لا بأس بها من تعليقات الأقارب السخيفة؛ مثل:
"خد بالك من اخوك يا ميدو"...
"انت خلاص كبرت على الدلع يا ميدو"...
و اخيرا التعليق الأسخف على الإطلاق, و الذي دائما ما ينتهي بضحكة رقيعة:
"تلاقيك هتموت من الغيظ يا ميدو... هع هع هع هع"

يا للسخافة....

لا بد من خطة محكمة للتخلص من ذلك الطفل السخيف....

و وجدتها

في يوم (السبوع) المشئوم؛ تصنعت أنا الفرحة بأخي العزيز-جدا جدا-, و ظللت اتحين الفرصة التي أحمله بين يديّ, حتى إذا جاءت اللحظة المناسبة ألقي به من أقرب شباك....

لكن يبدو أن امي كانت على علم بالمخطط السري؛ فلم تعطني أي فرصة للتمكن من ذلك الطفل-الطفيلي.

انتهى السبوع....
و لم ينلني منه إلا أن تكرر على مسامعي ذلك التعليق-المستفز- الذي دائما ما ينتهي بـ"هع هع هع هع"

و لم تنتهي الخطط....
يما أقذف الآلة الحاسبة ناحيته,
و يوما أحاول فك صواميل سريه الهزَّاز,
و يوما أكتم نفسه مستعملا أكبر وسادة استطعت حملها...

و كلها كانت محاولات فاشلة..
فاشلة..
فاشلة...

يتبع إن شاء الله
أحمد ثروت
12/3/2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق