الثلاثاء، 7 سبتمبر 2010

خمارة الشيخ خالد... الحلقة الثانية



ينهض (الشيخ خالد) ليؤم الناس في فجرهم, و قد يقرأ بهم آية (لا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى), ثم يمضي بعد أن يصافحه المصلون من أهل العزبة و يقصدونه في حل مشاكلهم و مسائلهم التي لا تنتهي, و يظل شيخنا مجاهدًا كل ذلك حتى يصل إلى بيته لينام بضع ساعات قبل صلاة الظهر.

مرت على الشيخ أيامه و لياليه؛ يرفض بيع الحانوت في يومه و يرتاده في ليلته, و قد تمر عليه أوقات يود فيها لو استطاع تحطيم (البار), بل إنه أحيانا يعقد العزم على ذلك؛ فإذا ما امتنع لليلتين أو ثلاثة تجده في الليلة التالية مهرولًا منتكسًا....

*****
في يوم من أيام الشيخ -و بينما هو خارج من مسجده مع بعض أعيان العزبة- نشبت مشادة بين أحد رفقائه و بين واحد من الشباب المعروف عنهم سوء الخلق يدعى (خميس حمو), و حدث أن تطورت المشادة إلى حد العراك بالأيدي أمام (الشيخ خالد) الذي اضطر إلى التدخل و نهر (خميس) عن فعلته و أسمعه كلاما قاسيا عن احترام الكبير و حسن الخلق, ثم ختم كلامه بأن ما فعله (خميس) أمام الناس دليل على أنه لا يراعي حق الله حين يختلي بنفسه!!!

استشاط (خميس حمو) غضبًا من كلام (الشيخ خالد) و أقسم بأغلظ الأيمان ليرين الشيخ من الأفعال ما يجعله يندم على كلامه ذاك, فبهت الناس من جرأة (خميس) و هموا أن يتكالبوا عليه ليفتكوا به, أما شيخنا فوقف مكانه مبهوتا لا يلوي على شيء و أحس بألم شديد في جانبه الأيمن مما دعاه أن يفض العراك و يتحرك نحو بيته مستندًا على بعض شباب العزبة.

و بعد تلك الحادثة لاحظ أهل العزبة اصفرارًا و احمرارًا في عيني الشيخ, إلى جانب تكرار آلام جانبه الأيمن عدة مرات, فنصحوه أن يرتاح قليلا و ألا يرهق نفسه في قراءة الكتب الفقهية و قيام الليل بالكامل -كما ظنوه فاعلا- كما نصحوه أيضا بزيارة الطبيب.

و أمام إلحاح أهل العزبة و خوفه من موت يفاجئه زار الشيخ الطبيب, و بعد إجراء الفحوصات اللازمة أخبره بوجود تليف شديد بالكبد, عرف الطبيب أن سبب التليف هو تناول الكحوليات لكنه لم يصدق نفسه و لم يجرؤ على نطقها...

و يوما بعد يوم تزداد على شيخنا آلام جانبه الأيمن, و هو يزيدها بمزيد من الشرب, بالتأكيد حاول بشتى أنواع المدعمات و الأدوية إيقاف آلامه لكنه فشل في منع السبب الرئيسي.

و مع الوقت اعتاد حياته المرضية الجديدة و عاد يؤم الناس و يخطب فيهم يوم الجمعة عن خشية الله في السر و العلن, و يلقي الدروس الدينية يوميًا عن العبادات و السيرة و الحديث... إلخ

الخلاصة أنه عاد لارتداء قناع الشيخ الذي اهتدى على يديه كثير من البسطاء.

أما فيما يخص شربه للخمور؛ فقد قلَّ وجله شيئا فشيئا حتى انكمش, و لا يمنع ذلك أنه كثيرًا ما كان يضرب نفسه ألف قلم و قلم على فعلته الشنعاء.

مرت حياته هكذا دواليك حتى عاد ليلة إلى بيته و خلع عِمَّته و قفطانه و ولج الغرفة اللعينة ليزيح البساط و يهبط السلم و يضيء المصباح و......

و لم يجد نفسه وحيدا!!!

ما كاد يلتفت حتى رأى (خميس حمو) أمام وجهه..

تسمر الإثنان في أماكنهما.
و كلاهما أسقط في يديه...

يتبع إن شاء الله

أحمد ثروت
7/2010

re-written 9/2010


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق