الأحد، 7 فبراير 2010

Estimation الحلقة الأولى

لم أستطع اللعب معهم؛ لكن تكفيني مشاركتهم المجلس

لطالما شدني الجلوس إلى كبار السن مستعا إلى احاديث و ذكريات و خبرات... أستمع و فقط, كثريا ما تطربني نبرة صوت أحدهم الرصينة و هو يحكي عن (أيام زمان) فتبدو لي أيام عز بحق, اعيش بخيالي فيها فأرى نفسي مرتديا طربوش أميله على جنب و أمشي متبخترا في شوارع كرموز و اللبان, و ربما أركب الكارتة- من بحري للمنشية- مع فتاة في (ملاية لف)!!!

"معلش إنت اللي هاتحسب لنا, شد كرسي و تعالى جنبي ندردش مع بعض"
قالها أكبرهم سنا و أقدمهم عهدا بالإستيماشن, صلعته و بقايا شعره الأبيض يجذبونني نحو الدردشة معه..

أشعل هو سيجارته الأولى بيد مهتزة تناسب سنه الذي تعدى السبعين, و قمت أنا بتسطير الورقة لأحسب نقاط اللاعبين الأربعة.

"انت عارف؟" بدأ بها العجوز حديثه. " اول مرة ادخل الكافتيريا دي كان عندي 14 سنة- سنة 48-, سبورتنج ماكانش فيها غير النادي و الترام و كام بيت, و البحر كان قريب قوي لا نفق بقى ولا بتاع... ياسلام!!! أحلى لعب لما تكون قريب من البحر و بتسمع الراديو, انا على فكرة سمعت أخبار النكبة هنا- في الراديو دا-" يكمل ضاحكا " يومها أبويا عرف إني بادخن و باقعد على القهاوي... أخدت حتة علقة يومها.. مش عارف ليه مع إنه كان بيدخن برضة."

أطفأ سيجارته بنفس اليد المهزوزة, نظر مليا إلى ورقه ثم همس لي بخبث:
" انا هأدك الدور دا.."
و أعلن إلى زملاء اللعب: "تمانية تريفل"

تعجبت جدا؛ فورق ذلك العجوز لا يؤهله لطلب 8 تريفل و لا حتى لطلب واحد شاي!!!

" في الكافتيريا دي أنا عاصرت أحداث و حروب و مظاهرات, كل لما كنت أبص من بابها ألاقي مصر اتغيرت"

حملق جيدا في الورق المطروح؛ يبدو أنه يحفظهم و يلعب على أساسهم:
" لما سمعنا خطاب ثورة 52 كنا بنلعب و ما فهمناش حاجة؛ قلنا مين اللي بيتكلم دا" يقصد السادات " بعدها بتلات أيام اسكندرية كلها اتقلبت علشان الملك كان بيسافر برة البلد"...

****

بدا الامتعاض على وجوه اللاعبين الثلاثة؛ فقد نجح العجوز الماكر في دك الدور فعلا, أما هو -العجوز- فانتشى و أشعل سيجارته الثانية بيده التي هزها الزمان.
هو كذلك دائما؛ يحب أن يَخْسَر و يُخَسِّر من حوله...

"عدت علينا احداث و حروب و مظاهرات و احنا بنلعب, ما كناش بنلعب هنا بس, لأ, كنا بنروح حتت تانية, ساعات قهوة فاروق او بورصة المنشية, حتى ساعات كنا نتقابل في فندق سوفيتيل أو متروبولي في محطة الرمل"
ثم توجه إلى اللعب:
" باص كول"

شدني الفضول, كيف يفكر هذا العجوز!!!!

"استنى هوريك حاجة"

يتبع إن شاء الله
أحمد ثروت
21/12/2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق