الخميس، 17 مايو 2012

من كتابات ما بعد الثورة... من ورشة (جاري الشحن) 2011


لم يمش في جنازته سوى أقلامه التي انكسرت رؤوسها على مدار عشرين عامًا. رغم أن من بكوه بقلوبهم كثيرون إلا أن أحدًا لم يجرؤ أن يخرج خلف جثمانه خوفًا من أن يلقى نفس المصير. نعم بكى الناس و بكت الأقلام لكن واحدًا في قصر على أطراف المدينة طار فرحًا حين ظن أنه تخلص أخيرًا من أفكار ذلك البطل و آرائه.

أما أقلامنا المنكسرة فقد تبعثرت في أرجاء الأرض و فرقتها الأزمات بعد أن كانت تجتمع دومًا عند الكاتب الشهيد صاحب الرأي. و ظن كل قلم أن لن يلقى أبدًا أصدقاءه و أنه لن يصدح بآرائه الحرة بعد اليوم.

و لكن؛ هل كانت مصادفة أن يجد ذلك الصبي بالذات ذلك القلم من أقلام الشهيد؟ كان هو القلم الأحمر الذي سطر به الكاتب أهم آرائه الحرة. و احتفظ ذلك القلم في ذاكرته بكل كلمة كتبها لأنه القلم الوحيد الذي تأكد أن المجد في كلمات الشهيد, و أن آراء الكاتب النبيلة –و إن طمسها الظلم و القهر الآن- سترتفع في يوم قريب إلى السماء و تنشر سحب التنوير لتهطل أمطار الحقيقة على كل طريق و مزرعة, و تؤتي تلك المزارع ثمارها ليخرج جيل قادر على حمل الفكرة و على النضال من أجل قضايا المدينة.

و كأن هذا الصبي هو المختار من بين البشر لحمل الرسالة. هذا الصبي قد وُجِدَت فيه من قبل بذرة الحرية و الحق و صار جديرًا بعد ذلك بأن يحمل راية التحرير من قبضة طغيان الحاكم. سقط القلم في طريق الصبي ليكون قدَر آراء الشهيد أن تُحْفَظ بين ذاكرة القلم و قلب الصبي إلى حين. و يكون قدَر ذلك الذي يقطن أطراف المدينة أن يعيش هو و كوابيسه منتظرين ذلك اليوم الذي تخرج فيه كل الأقلام مع فتيانها لتعلن العصيان و تهز عرشه.

تمت
أحمد ثروت
مش فاكر التاريخ تحديدًا




http://www.youtube.com/watch?v=cUxS2sM3RhA