الاثنين، 24 يناير 2011

لتسكنوا إليها



مما يعجبني في دراسة الطب هو ذلك الأسلوب في التفكير الذي يتسم بالحكمة و العمق و الروية و دراسة الأمور من كل جوانبها, و تلك الصفات -بالمناسبة- تلتصق بعدد لا بأس به من طلبة الطب مما يُسْتَدَل به على أن الأمر ليس مجرد صدفة أن يوصف الطبيب بالحكيم.

منذ فترة قابلت صديقًا عزيزًا لم أره منذ فترة طويلة ثم جاء اللقاء دون تخطيط مسبق من أي منا, و هو شخص يتميز بأنه مستمع جيد و مفكر محترم, تختلف معه -قليلًا أو كثيرًا- لكنك لا تملك إلا أن تحترمه و تستمتع بالدقائق المتاحة للحديث معه و مناقشة العقل بالعقل و الحجة بالحجة في أسلوب حضاري قلما تجده بين الناس.

كان محور حديثنا حول دور المرأة في المجتمع و جدوى خروجها للعمل, و كان ما اتفقنا فيه بدايةً هو أن مسئولية المرأة تجاه بيتها تعلو كثيرًا فوق أي شيء آخر, و لكن هل مجرد خروج المرأة للعمل سيؤثر حتمًا على رعايتها لبيتها و أبنائها؟ كان رأيه الإيجاب, أما أنا فأثرت نقطة الوضع الاقتصادي للأسرة في مصر الذي يحتم -من وجهة نظري- خروج المرأة للعمل بجانب الرجل.

و هنا أثارت عقولنا تساؤلات حول قوامة الرجل في تلك الحالة و موقف الرجل إذا كانت زوجته تفْضله في العمل أو تسبقه في السلم الوظيفي؛ و هو ما يمثل بالتأكيد جرحًا لكرامة الرجل و كبريائه, و أما تلك المعضلة أخذنا نقلِّب الأمر يمينًا و يسارًا و ننظر إليه من كل الأوجه إلى أن وصل كل منا إلى رؤية مناسبة للوضع رآها حلًا للمعادلة الصعبة.

و رأيي أنه مهما كان حجم التناقض أو المشاكل بين الزوجين -و هي موجودة بمختلف أشكالها بين كل الأزواج- فإن حل تلك المسألة يرجع إلى (الأصل الطيب) للزوجين و حسن تربيتهما من البداية..... إن المرأة بذكائها الأنثوي المغروس بها و حرصها على بيتها و زوجها تستطيع أن تحفظ لرجلها كرامته و أن تسَرِّي عنه حين يعود لبيته منهكًا مكتومًا... هي -بذلك الذكاء- تستطيع أن تروض رجلها و تحفظه مما ينال من كرامته و تحفظ لنفسها - في ذات الوقت- الأمان في كنف رجل تحبه و يحبها, تسكن إليه و يسكن إليها, تحفظه و يحفظها.

أما الرجل؛ فعليه -أول ما عليه- أن يجتث من داخله أي شعور بالغيرة قد يدفعه ليعرقل مسيرة زوجته المشَرِّفة له و لها, تلك الغيرة التي تحيل البيت إلى جحيم ينشغل فيه الآباء بصراعاتهم عن الاعتناء بأبنائهم و تربيتهم في جو سليم, على الزوج أن يحيل تلك الغيرة إلى دافع للعمل الدؤوب حتى و إن لم يصل إلى مستوى زوجته في السلم الوظيفي أو المرتب.... إلخ.. لكنه في النهاية سيضْحَى ذلك الرجل الشهم المسئول الذي يحب زوجته و بيته و يذود عنهما.

و ختامًا؛ فإن غياب صفة الأصل الطيب و المعاشرة الحسنة في أي من الزوجين - و حتى مع المشاكل الصغيرة التي تقابل أي بيت يوميًا- ستؤدي حتمًا إلى استحالة العيش بينهما و تدمير ذلك البيت بشكل أو بآخر و إن كان -ظاهريًا- خالٍ من المشاكل.

تمت
أحمد ثروت
25/1/2011