منذ فترة قابلت صديقًا عزيزًا لم أره منذ فترة طويلة ثم جاء اللقاء دون تخطيط مسبق من أي منا, و هو شخص يتميز بأنه مستمع جيد و مفكر محترم, تختلف معه -قليلًا أو كثيرًا- لكنك لا تملك إلا أن تحترمه و تستمتع بالدقائق المتاحة للحديث معه و مناقشة العقل بالعقل و الحجة بالحجة في أسلوب حضاري قلما تجده بين الناس.
كان محور حديثنا حول دور المرأة في المجتمع و جدوى خروجها للعمل, و كان ما اتفقنا فيه بدايةً هو أن مسئولية المرأة تجاه بيتها تعلو كثيرًا فوق أي شيء آخر, و لكن هل مجرد خروج المرأة للعمل سيؤثر حتمًا على رعايتها لبيتها و أبنائها؟ كان رأيه الإيجاب, أما أنا فأثرت نقطة الوضع الاقتصادي للأسرة في مصر الذي يحتم -من وجهة نظري- خروج المرأة للعمل بجانب الرجل.
و هنا أثارت عقولنا تساؤلات حول قوامة الرجل في تلك الحالة و موقف الرجل إذا كانت زوجته تفْضله في العمل أو تسبقه في السلم الوظيفي؛ و هو ما يمثل بالتأكيد جرحًا لكرامة الرجل و كبريائه, و أما تلك المعضلة أخذنا نقلِّب الأمر يمينًا و يسارًا و ننظر إليه من كل الأوجه إلى أن وصل كل منا إلى رؤية مناسبة للوضع رآها حلًا للمعادلة الصعبة.
و رأيي أنه مهما كان حجم التناقض أو المشاكل بين الزوجين -و هي موجودة بمختلف أشكالها بين كل الأزواج- فإن حل تلك المسألة يرجع إلى (الأصل الطيب) للزوجين و حسن تربيتهما من البداية..... إن المرأة بذكائها الأنثوي المغروس بها و حرصها على بيتها و زوجها تستطيع أن تحفظ لرجلها كرامته و أن تسَرِّي عنه حين يعود لبيته منهكًا مكتومًا... هي -بذلك الذكاء- تستطيع أن تروض رجلها و تحفظه مما ينال من كرامته و تحفظ لنفسها - في ذات الوقت- الأمان في كنف رجل تحبه و يحبها, تسكن إليه و يسكن إليها, تحفظه و يحفظها.
أما الرجل؛ فعليه -أول ما عليه- أن يجتث من داخله أي شعور بالغيرة قد يدفعه ليعرقل مسيرة زوجته المشَرِّفة له و لها, تلك الغيرة التي تحيل البيت إلى جحيم ينشغل فيه الآباء بصراعاتهم عن الاعتناء بأبنائهم و تربيتهم في جو سليم, على الزوج أن يحيل تلك الغيرة إلى دافع للعمل الدؤوب حتى و إن لم يصل إلى مستوى زوجته في السلم الوظيفي أو المرتب.... إلخ.. لكنه في النهاية سيضْحَى ذلك الرجل الشهم المسئول الذي يحب زوجته و بيته و يذود عنهما.
و ختامًا؛ فإن غياب صفة الأصل الطيب و المعاشرة الحسنة في أي من الزوجين - و حتى مع المشاكل الصغيرة التي تقابل أي بيت يوميًا- ستؤدي حتمًا إلى استحالة العيش بينهما و تدمير ذلك البيت بشكل أو بآخر و إن كان -ظاهريًا- خالٍ من المشاكل.
تمت
أحمد ثروت
25/1/2011