الأحد، 29 نوفمبر 2009

الجمال المعيوب (3-4)

"قد تنقذك نفس اليد مرتين.."

"جميلة" الصغيرة تحاصرها النيران و تطاردها الشظايا.. تصرخ.. تنادي على أمها فيعود النداء بلا رد, الشظية تصيب وجهها و الحرارة تصهر آمالها في النجاة... تختنق... تسقط... يغشى عليها فلا ترى إلا خيال يد ممتدة نحوها...

و كأنها تقابل نفس اليد مرة اخرى؛ كيف لم تفطن كل هذا الوقت إلى الإصابة التي تأكل يد ذلك الشاب المبتهج- أمير الحسن-؟!!

( إزاي يعني؟؟؟

هي الناس المبسوطة ممكن يكونوا مجروحين زينا عادي؟!

هو فيه بني آدم له نِفس يضحك و إيده مصابة بالشكل دا؟!

غريبة أن تجد من يحمل كل هذا الجرح و ما زال قادرا على التفاؤل...

اشمعنى هو سعيد؟!
أو...
اشمعنى انا كئيبة؟؟! )
....

"يا دكتورة... يا دكتورة"

أفاقت على يد تلوح امام عينيها و ابتسامة هادئة واثقة من صاحب اليد:
"كتب حضرتك... انا آسف جدا"

و لأول مرة تبتسم "جميلة", صحيح أنها ابتسامة مرتبكة لكنها ابتسمت أخيرا على أية حال:
"العفو.... انا غللي آسفة إني اتعصبت... شكرا جزيلا :)"

و.....

و.....

بس خلاص
******

... و كأن الابتسامة التصقت بوجهها لبعض الوقت....

على مكتبها, أطالت "جميلة" النظر في الكتاب و على وجهها آثار ابتسامة الصباح حتى أنك لو رأيتها تكاد تقسم أن ما في الكتاب عبارة عن (نكت)

تلك اللحظة- و إن أشبهت لحظات السعادة الأخرى- إلا أنها -و لأول مرة- ليست بعيدة عن المرآة.

ساعات قضتها "جميلة" تفكر و تراجع, تستفسر و تصل إلى النتائج ثم تنقضها, و هي في ذلك تشاور عقلها و تزاوله في أمور الحياة حين رأتها بعين مختلفة:

يا عقلي؛ انا بين معادلتين;

جمال صارخ + نفس مكفهرة كئيبة
أو
جمال بما به + نفس هادئة و روح مقبلة

يا عقلي؛
أيهما الجمال المعيوب؟؟؟!!

يا عقلي؛
ما رأيك فيمن يرسل بهجة تسبقه حيثما حل؟

و ما رأيك فيمن يغلق كل أنوار الأمل في وجهه مع خروجه من غرفته؟

يا عقلي؛
السعادة اختيار ام قدر؟

هي اختيار... أليس كذلك؟؟

أليس...

أليس....


غلب "جميلة" النعاس و استغرقت في نوم هنيء حلمت فيه بكل السعادة و الأمل...

ترى كم من الوقت تحتاجه "جميلة" حتى تحقق ذلك الحلم؟

يوم... سنة... أم أكثر؟

و من يضمن انها ستنجح أصلا!!


" فلأسعى إذا, أصل في يوم أو في سنين لا يهم, و حتى إن لم أصل أصلا يكفيني ان أموت باحثة عن السعادة....
على أي حال ذلك أفضل من البكاء بجوار الأطلال انتظارا لموت كئيب"

و ها هي بداية البشاير... فقد بدأ وجهها يعتاد على الابتسام...

يتبع إن شاء الله
أحمد ثروت
11/2009


فابتسم لا تكتئب وانظر إلي
حادثات الدهر كالطود الأشم
هل عبوس الوجه يضحي مانعاً
لقضاء حم أو كرب ألم
أو يعيد الحزن أياماً خلت
إن بعد العسر يسراً ليس هم
فاستمع قولي فإني ناصح
اطرح الهم بعيداً وابتسم

من قصيدة (تفاؤل) للشاعر محمد ابراهيم السادة

الخميس، 26 نوفمبر 2009

يا خويا


عزيزي و أخويا,
بعد التحية, و بعد الحنين
و السب و الضرب و شغل الشويتين
و بعد اما ضعنا في هبل السنين
أحب أقوللك: ابونا يا شِقَي (=شقيقي)
كتبلك كلامه بحبر الأنين
و باعت بيسأل:
ازاي هم واحد بيبقى اتنين
و نشيد المجد بقى ناي حزين
و سهرة, و خمرة
و ضحكة شماتة من ألف عين
*****
حبيبي يا خويا,
همي و همك في قلب الطوفان
لا الجبل يحمي و لا الوديان
ولا أي كافر, و لا التِعبان
مفيش غير إيدينا
و هي السفينة
سفينتنا هي بر الأمان
و لو دمي يبسط
حبيبي و اخويا
اقتلني فجأة
و اكتب بدمي
"مات لما حاول
ينقذ خواته
من التوهان"

أحمد ثروت
23/11/2009


الأربعاء، 25 نوفمبر 2009

الجمال المعيوب (2-4)

"خطوة واحدة... و ألف سور"

احتضنت كتبها الكثيرة لتدخل المدرج في آخر لحظة, بحثت فلم تجد إلا مكانا, وضعت ما تحمله و دفنت نفسها بين الكتب...

و كان ذلك المكان خلفه مباشرة!!

جلست "جميلة"-كعادتها- مبرزة الجانب السليم من وجهها, و الجانب الآخر تصوبه ناحية الحائط, تقابلها ابتسامات حذرة من زميلاتها, ربما تكون قد حاولت الابتسام لكنها لم تعتده قبلا و لم تستطعه.

و في مثل هذه المواقف تعود لتدفن نفسها بين الكتب و من حين لآخر تسترق إليه النظر من بعيد, إلا في ذلك اليوم؛ حين لم يفرق بينها و بينه إلا خطوة واحدة لا تجرؤ أن تخطوها ولا حتى أن تظهر أمامه...

تسألني من هو؟؟

إنه أحد المحظوظين...
لا,
بل هو إمامهم؛ ذلك الإمام يملك كل السعادة و كل المرح و كل الصداقة و كل النجاح..

ذلك المحظوظ الذي يملك الحسن...

كانت تموت غيظا من كلام الفتيات عنه, تود لو تستطيع أن تتكلم عنه كما يتكلمون و ان تحلم به كما يحلمون, لكن كيف و آمالها موج يتحطم على صخرة ذلك الشيء في وجهها!!

عادت إلى مدفنها غير مأسوف عليها, تنظر إليه و تتحسس وجهها من حين إلى آخر, و بينما المحاضرة تشرف على الإنتهاء؛ تحرك هو للخلف-مداعبا زميله- حركة أطارت بعضا من كتب "جميلة بعيدا عنها.....

"انت غبي؟!!"

فوجئ هو بالجملة و لم يفهم, بينما تراجعت هي تندم على ذلة لسانها, و ظلا هو متعجبا حتى أخبره صديقه بما حدث فاحمر وجه الفتى و مضى يعتذر أشد الاعتذار
أما هي فواجمة لا تدري ماذا تقول أو تفعل, فقط تراقبه و هو يحضر أشيائها الملقاة...

تراقب و تتعجب...

و تتعجب و تراقب...

هل الموقف الموقف يثير كل هذا العجب؟!!!

لم يكن تعجبها من الموقف السابق بقدر ما أذهلها الحدث الجلل الذي شهدته في أعقاب اعتذار الفتى....

و لها كل الحق في ذلك

بل لها ان تصدم بشدة...

فقد كانت المفاجأة أكبر مما تتخيل.......
....

يتبع إن شاء الله

أحمد ثروت
10/2009

بيني و بينك سور ورا سور
و انا لا مارد ولا عصفور
في ايدي ناي و الناي مكسور
و صبحت أنا في العشق مثل
و البحر بيضحك ليه و انا نازلة أتدلع أملا القلل

نجيب سرور

الجمال المعيوب!! (1-4)..

" لأا اجد مفتاح النور"

. يوم عادي في حياتها؛ قامت من النوم بطريقة ما و بدأت الاستعداد للخروج, ساعتها تؤكد أنه (يدوب تلحق تروح الكلية)؛ فهرعت تعد إفطارها و ملابسها و ولجت إلى الحمام و فتحت النور و....

....

و توقفت!!

اقتربت "جميلة" ببطء من المرآة متحسسة ذلك الشيء في وجهها..

و كأنها تذكرت أنها ليست واحدة من هؤلاء المحظوظين بالسعادة,

و كأنها تذكرت انها ليست من اللائي يملكن الحسن و الوجه الساحر..

و كأنها تذكرت آخر عهدها بالجمال- يوم الحادث -, لا تذكر كيف حدث الانفجار, و لا تذكر كم هرولت هربا من النيران, بل لا تذكر حتى تلك اليد التي انقذتها من الموت...

لكنها تذكر جيدا أن وجهها ألمها بشدة, و ان قلبها أبكاها بحرقة.

و الآن.....
حسبها أن تكون من هؤلاء اللائي يعشن ليتنفسن و فقط, و ربما حالفهن الحظ بلحظات سعادة بعيدا عن المرآة, و يكفيها من الاستعداد للخروج أن تغسل وجهها؛ ربما لتحافظ على بعض جمال رأته معيوبا؛ أو محجوبا....

لم تحتر كثيرا في اختيار الإيشارب أو طريقة ربطه؛ فهي صاحبة مبدأ, و مبدؤها هو "المهم الحشو".. أو كما تقولها هي احيانا:
"المشكلة في الحشو"...

و هنا تذكرت شيئا أعادها إلى هرولتها مجددا؛ عليها الآن أن تصل إلى الكلية مبكرا جدا لتلج إلى المدرج قبل أن يلحظها احد؛ إشفاقا بنفسها, و بهم...

تناولت إفطارها و تأكدت من حاجياتها, أغلقت خلفها الباب و معه أغلقت كل أمل في السعادة

.......

يتبع إن شاء الله

أحمد ثروت
10/2009

إن شـر الجناة في الأرض نفس تتوقى قبـل الرحيـل الرحيـلا

وترى الشوك في الورود وتعمـى ان تـرى فوقهـا النـدى إكليـلا

السبت، 21 نوفمبر 2009

الحرب المقدسة


"هنحُط على الفرنجة..."

هكذا أعلنها (سيف الدين)
......

بالتأكيد أنا لا أقصد (سيف الدين قطز), إنما (سيف الدين حمزة - صديقي و العضو برابطة مشجعي المنتخب القومي-, قال قولته و قفز يصلي ركعتين دعا فيهما أن ينصرنا الله على الجزائريين, و أن نحرر بطاقة التأهل لكأس العالم من أيديهم حين نلقاهم في موقعة (أم درمان)

سافر جنودنا الأبسال إلى أرض المعركة, و ودعهم الشعب بدعوات و صلوات و صيام و الكثير من دست الشموع لـ(أم هاشم) و مثلها للـ(عذرا)..

أما أعضاء الرابطة- و معهم الكثير من أبناء الوطن المخلصين- فأبو إلا أن يذهبوا ليؤازروا الجنود في حربهم المقدسة لتحرير بطاقة التأهل من أيدي المحتل الغاشم؛ تلاك البطاقة التي ظلت مفقودة لعشرين عام بالتمام و الكمال, حمل كل منهم جواز سفره و كتابه المقدس, و استقلوا طائراتهم راجين الله أن ينصرهم بجنود لا يعلمها إلا هو....
***

نزل الفرنجة أرض الملعب_ و دروعهم تحمل كل رموز الجيوش الصليبية_, سنوا سيوفهم و نصبوا متاريسهم في انتظار لاعبينا...

أما قائد جيوشنا؛ الأمير (نجم الدين حسن شحاتة)؛ فقد فاجأ الجميع بأن نزل أرض الملعب بسبعة لاعبين فقط؛... عرفنا بعد ذلك أن باقي اللاعبين اختبئوا خلف الجبل لينقضوا على مرمى الخصم في الوقت المناسب....

بدات المناوشات بين الجيشين, و بدأ الفرنجة بالهجوم رغم غياب قائدهم (الكونت ليموشية) لحصوله على الإنذار الثاني في موقعة القاهرة, لكن خطوط دفاعاتنا تصدت للهجوم بالمنجنيق و الدروع....

أصيب الفارس (ابن عبد ربه) في إحدى المبارزات؛ فأوقف الحكم المباراة حتى إذا تأكد أن الجرح ليس بالمميت أمر باستئناف المعركة.

كاد الفرنجة أن يدكوا حصوننا بقذيفة من القذائف, لكن الـ(لاينز مان) رفع الراية بدعوى أن جندي العدو كان متسللا.

مر الوقت عصيبا على الجميع, حتى إذا شارفت المعركة على الانتهاء؛ قام الـ80 مليون في نفس واحد: "الله أكبر", و إذا بالفارس (محمد أبو تريكة يخترق الخطوط و يطلق قذيفة دكت حصونهم و معها خر الجميع سجدا و ارتفع التكبير من فوق المآذن و الاجراس من داخل الكنائس؛.. لا عجب في ذلك فقد نزلت عدالة السماء و تم تحرير بطاقة التأهل.
***

ملأني (سيف) بالحماسة حين روى لي بطولات شهدائنا الذين ضحوا بدمائهم الزكية في المعارك التي أعقبت الانتصار الكبير..
"كان اللعيب منهم بيتكسر من غير ما حد مننا يلمسه" .. و هذا دليله أن الملائكة حاربت معنا.

وصلنا معا إلى القاعة التي سيقام فيها حفل تسليم بطاقة التأهل للمونديال, كل شيء منظم و رئيس الإتحاد الدولي سيأتي بنفسه لتسليمها.

اصطف الناس في كراسيهم, و دخل الدوق (جوزيف بلاتر) رئيس الفيفا إلى القاعة و بدأ المراسم بالنداء على الأمير (نجم الدين حسن شحاتة) لتسلم البطاقة, قام الأمير وسط تصفيق حاد و صافح الدوق, ثم مد يده لاستلام البطاقة...

لكن الدوق لم يسلمه إياها!!!

.......

بوجه تملؤه ابتسامة واسعة خلع الدوق القناع من على وجهه ليظهر رجل أسمر ضخم الجثة و مكتوب على صلعته: (إبراهيم نصر)..

و بنفس الابتسانة العريضة قال:
"دلوقت كل الكلام دا اتسجل, تحب نذيع ولا مانذيعش؟!!"

تمت
أحمد ثروت
18/11/2009
قبل الماتش